رحلة قصیرة مع موقع "أدب الأهواز" بقلم: علی عبدالحسین
رحلة قصیرة مع موقع "أدب الأهواز"
بقلم: علی عبدالحسین
الشعب العربی الاهوازی أحد الشعوب التی تعانی من الفقر الثقافی أکثر مما تعانی من شئ آخر. فنحن وبفضل الثروات الطبیعیة نتمتع بمستوىً لابأس بهِ من الحیاة المعیشیةِ. لکن شدة معاناتنا تظهر على ساحة الهویة والثقافةِ بشکل أکبر. من أهم مطالیب شعبنا هو تعلم اللغة العربیة القرآنیة التی نزل الوحی متجسداً بمفرداتها. ومن الواضح أنَّ نشر اللغة والثقافة العربیین الاهوازیین لن یتم بعیداً عن الانتاج الادبی والفکری ونشرهما. ولا نخفی حقیقة إذ صرحنا بأننا لا نملک صحافة ورقیة على اَرض الواقع بشکل تام.
هنا تبرز أهمیة الاعلام الاکترونی أکثر من أی وقت. هذا لأن ثقافة العصر صارت تتبلور عبر شاشاتٍ فی کل نقطةٍ من المَعمورة. ثقافة العصر الذی نعیشه تُولد من رحم شاشةٍ صغیرةٍ تتوفر فی کل مدینة وحی ومنزل فی العالم. ولکن مع هذا الواقع لا نجد الاهوازیین یستفیدون من تقنیة عالمیة تخدم الثقافة والادب والعلم، بشکل جید...هذا إهمالٌ یدعو الى الحزن والاسف، ولایوجد مبرر للشاب المثقف الاهوازی فی عدم نشاطهِ على الشبکةِ مُفیداً او مُستفیدا.
لقد وضحَ، أن حیاة الشعوبِ تأتی من إرادات وهمم شبابها وبنی مجتمعها عامة. ولکن مع کل الاسف أن المثقف الاهوازی أخذ إجازة مفتوحة حتى أجل غیر مسمى. ولا نُعمم القضیة لأن هناک القلیل من خیرة شبابنا یبذلون الغالی والرخیص من أجل غدٍ آتٍ مُشرقٍ. والاعمال لیست بالإکمال وإنما بالنیاتِ الخالصة التی تدفع للتحدیات والتضحیات. أنَّنا شعبٌ نمضی فترة التأسیس لمکوناتِ الهویة التی نریدها أن تکون إطاراً وهیکلاً لحیاة الانسان الاهوازی لقرون من السنین الآتیة.
الأخ الکاتب والشاعر العزیز السید عبدالحسین الباوی، قبل ستة أشهر أنشأ موقعاً للأدب الأهوازی بهدف إحیاء وإنماء هذا الادب الذی هو بأمس الحاجة الى رعایةٍ من بنی أهله. ولقد کان السید الباوی وحیداً ساعة میلاد هذا المنبر الادبی العربی الاهوازی، ولکن إرادته الجبارة لم تدع الظروف العصیبة تثنی عزمه من أجل خدمة الشعب. وکان المثقف الاهوازی ومازال منزویاً منطویاً خائفاً. فلم تُمد الأیادی الادبیة الثقافیة للسید الباوی، غیر عدد قلیل من أصحاب القلم من الاهوازیین، لیبقى وحدة وإرادته الحدیدیة لکی یصارع الصعاب ویتحداها بالتفوق، ناظراً الى جیلٍ من الاهوازیین یبزغ کالنجوم فی سماء المستقبل.
لقد أصبح عمر موقع "أدب الاهواز" ستة أشهر. وهذا ما دعى الى إلقاءِ نظرةٍ سریعة الى ما قدم، بهدف تقییم عمله طیلةِ الاشهر الستة التی أمضاها. هناک إیجابیاتٍ إحتوى علیها الموقع، کما إحتوى على سلبیاتٍ. ولست بصدد مدحٍ او قدح وإنما أقصد شرحاً لعمل ثقافی بمنظارٍ یُظهرُ ما علیهِ وما له. مع التأکیدِ على أنَّ الموقع فی حد ذاتهِ خدمة ثمینة للشعبِ العربی الاهوازی.
إن الموقع خلال عمره القصیر قدم للمجتمع شخصیاتٍ وأقلاماً وآراءاً لابأس بها. فی هنا عرفنا مثقفین من بنی شعبنا ؛ کتاباً وشعراءا ونقاداً...فوجدنا الکلمة المُعبرة العربیة الاهوازیة الحاملة فی طیاتها معانیاً إنسانیة وهموماً شعبیة. کان فی بدأ الموقع، یراجعه عدد من الزوار یصل الخمسین تقریباً. ثم یوماً بعد یوم صار عدد الزوار یزداد، حتى تجاوز الأربعمئة زائراً یومیاً..
قدم موقع ادب الاهواز حواراتٍ عدة عرفنا عبرها شخصیاتٍ ادبیة ثقافیة اهوازیة. من ضمن هذه الحوارات تشرفنا بمعرفة ادباء من امثال د.عدنان غزی ود.عادل حیدری ود.عباس عباسی ود.جمال نصاری. والشاعر العزیز رسول عودة زادة. هذه الحوارات قدمت حیوات أعلام من بنی شعبنا...وناقشت آراءهم وإنتاجاتهم.
کذلک قدم الموقع إنتاجاتٍ من الشعر الفصیح. وقد تبلور هذا الجانبِ من خدمات الموقع فی الشعر الحدیث وقصیدة النثر غالباً. لقد قرأنا للشاعر الدکتور عباس عباسی والدکتور عادل حیدری والدکتور جمال نصاری و الدکتور عدنان غزی...کذلک تعرفنا على انتاجات الشاعر المُبدع المَرموق حمزة کوتی والشاب المهذب عمار دانش..والشاب الکاتب والشاعر یوسف سرخة والاخت الشاعرة مریم کعبی والاخ داود حمید والشاعر الاستاذ عبدالقادر سواری والاستاذ عاشور صیاحی...
و فی مجال المقال والدراسات قرأنا للکاتب الاهوازی عمار دانش وداود حمید والدکتور العزیز جمال نصاری والدکتور الاستاذ عباس عباسی. کذلک قدم لنا الاستاذ الناقد الدکتور رسول بلاوی هکذا انتفعنا بآراء الاستاذ القدیر عیسى دمنی والاخ الاستاذ والشاعر ابوسمیر الناصری، الذی قدَّم وعبر الموقع ابداعاً شعریاً أسماه بالابوذیة المرکبة وألحقهُ بمقالٍ توضیحی جمیل، وشاعر النبی السید مصطفى غافلی الذی قدَّم مقالا رائعاً فی إسلوبه..وهناک الاساتذة الکرام؛ کمال سلمان وابوفتح الاسکندری ورضا رمضان ورضا الکعبی واحمد سواری...
واما فی ساحة القصة فقرأنا قصصاً جمیلة إبداعیة لشباب طلائع کلهم خیر وأمل للثقافة والادب الاهوازیین. ومن هؤلاء الکُتاب الاعزاء الاخ عمار دانش والشاب الطَموح والغزیر الانتاج عماد نواصر وقرأنا للاخت الکاتبة مریم کعبی والشاب المثقف والمهذب ولید مالک آل ناصر والاخت الشابة المُحترمة خلود آل ناصر.. وهؤلاء الاحبة هم من ضمن مجموعة من کتاب اهوازیین نرى فیهم العون والابداع فی سبیل تأسیس للقصة القصیرة فی الادب العربی الاهوازی..
وأما فی الشعر الشعبی، فکانت لشعراءه حصة الاسد. فقرأنا روائع للشاعر العزیز سید حسن شریفی والسید الاستاذ الملة غلامرضا آلبوغبیش و الاخ العزیز عبدالحسین الباوی والاستاذ الاعلامی ابو موعود الرشیدی والاخ ناصر جاسم حزباوی والاخ عبدالرضا الرفیعی وقاسم المعاوی وعشرات الشعراء الشعبیین الاماجد الاخرین..
هذه مَجالات مُنتجة ایجابیة نعتز بها شدَّ الاعتزاز. ولکن هناک جانب سلبی کان فی طیات الموقع وهو کان ومازال یدعو للاسف الشدید. فقد کانت فی هذا الموقع الثقافی مُشادات نقدیة ،إضافةً على تعلیقات کثیرة مُسیئة للآخرین. وکل هذا یُصنف ضمن النقد الادبی. ولکن أی نقد ادبی؟ أقول هذا وفی نفسی مرارة على أدبنا العربی الاهوازی..أنَّ هناک من یخطأ فیضرُ الى ثقافتنا وتلاحمنا وتضامننا یداً بید. وکما قلتُ مراراً أننا لا نمارس الادب إلا من أجل الخدمة التی تصب فی القلوبِ محبةً وتآخیاً وتعالیا. وأنَّ من یرکب سفینة الادب من أجل الشهرة والانانیة فلن یحصل على مبتغاهُ.
وأخیراً ... فی الدرجة الاولى اشکر الاخ العزیز والغیور على اللغة والهویة والادب، استاذی عبدالحسین الباوی المحترم الذی خدم ثقافة شعبنا بکل اخلاص وعبر تضحیاتٍ جمة. أنه تحمل الکُلف المادیة والمتاعب المطبعیة والسهر والسفر وفوق کل هذا نال من الشتائم والتهائم ما نال ولکنه بقی صامداً قویاً بفضل إیمانه القلبی بالله والانسان العربی الاهوازی. کذلک اُقدم جزیل شکری للاحبة الادباء والادیبات والشعراء والشاعرات الذین ساهموا باقلامهم القیمة فأنتجوا ادباً رائعاً إحیاءا وانماءا واصلاحا للادب العربی الاهوازی...وأعتذر من کل صاحب قلم شریف وعزیز شارک فی هذا الموقع الکریم ولم أذکره، کل الاعتذار..وشکرا جزیلا..
